بداية من لقب الشعلة ، الذي كان مجرد لقب أطلقته علي صديقتي التي كنت أتبادل معها رسائل حول كيفية تغيير العالم، وخوفا من أن تقع تلك الرسائل بيد أحد ونُفضح بسبب أحلامنا الواسعة بتغيير العالم قررنا تلقيب بعضنا بألقاب تشبه شخصياتنا حتى لا يتعرف علينا أحد، وكانت تلقبني بالشعلة التي ستجلب النور والتغيير للعالم.
تلك كانت أحلام الطفولة، لكنها علقت بذهني وحياتي وبدأت محاولة التغيير بمجلة حائط في المدرسة، حيث كنت أكتب وأنشر مواضيع تثقيفية وتنموية مزينة ببعض الرسومات والصور وأعلقها حيثما وجدت، وكانت مجلة الشعلة هي أولى خطواتي لتغيير العالم..
لكن وكما قال أحدهم " : فإن الإنسان يبدأ برغبته في تغيير العالم، ثم عندما يكبر يحاول تغيير عائلته، ثم يكتشف أن عليه تغيير نفسه.
وهذا ما عشت عليه بالضبط، فبعد محاولاتي لسنين في تغيير المحيط الخارجي حولي اكتشفت أن التغيير الأول الذي يجب أن نبدأ به هو تغيير أنفسنا،
فبعد أن سلكت درب الكتابة والتدوين والمجلات وأسست لمدة ١٢ عاما العديد من المشاريع بدءا من مجلة الشعلة> إلى مجلة عروب للمرأة المتميزة ، التي أحاول فيها جذب انتباه المرأة لأهمية التغيير " مثال عدد" عام ٢٠١٤ ، ثم عملي في مجال الإعلام كصحفية حيث أسست مجلة نسائية لم تتاح لي فيها الفرصة للتعبير عن رغبتي الشديدة في تقديم ما أرغب للمرأة العربية وحوصرت فيها بسياسات نشر كلها تتمحور حول عالم المادة والشكل والأزياء وأخبار النجوم، مع طمس كامل لعقل المرأة وشخصياتها، الأمر الذي جعلني أنسحب لأؤسس مدونة موهبتي " التي تستهدف المرأة الموهوبة، وكان هدفي هو إبراز موهبتها للعالم، وإثبات أن للمرأة العربية قدرات ومواهب واهتمامات أرقى بكثير من تسليط الضوء على جمال شكلها الخارجي " وإن كان مُهماً" .
وبعد ست سنوات من العمل على مدونة موهبتي، وأثناء كتابتي لمقال عن أوبرا وينفري وماهي نصائحها لحياة ناجحة، توقفت لوقت طويل في فكرة " املئي كوبك الخاص" حيث اكتشفت أنني أكتب هذا المقال للموهوبات بهدف تحفيزهن على خلق فرصهن للنجاح في هذه الحياة، لكن الحقيقة أن كوبي الخاص كإيمان فارغ جدا.
فأنا أعمل منذ أكثر من ١٠ سنوات على محاولة تغيير واقع المرأة العربية، لكن الحقيقة أن واقعي مدمر تماما، حياتي الشخصية لا تمت لما أقدمه بصلة، وعلى الرغم من صدقي التام في كل ما كنت أكتب، إلا أنني أقدم معلومات لم أختبرها بنفسي!
في حياتي أنا محطمة تماما ونفسيتي تحت الصفر وتعرضت للإكتئاب أكثر من مرة، لست سعيدة مطلقا في حياتي لكنني أسعى جاهدة لخلق سعادتي التي لم أكن أستطيع الحصول عليها رغم كل اجتهاداتي .
نشرت المقال ثم قرأته عشرات المرات وفي كل مرة أتعمق بنفسي وأسأل نفسي " هل حان الوقت لترك محاولة تغيير العالم، والتركيز فقط على محاولة تغيير نفسي!
قررت وقتها أن أبدأ بملء كوبي الخاص، تركت كل المشاريع التي كنت أقوم بها منها :
مدونة موهبتي
ملتقى سيدات الموهبة
قناتي الخاصة للطبخ
وقناة أطفالي على اليوتيوب
وقررت لأول مرة في حياتي أن لا أفعل شيئا
وأن لا أحزن على شيء
ففي كل الأحوال لم أنجح !
ومنذ وضعت هذه النية بدأت أمور كبيرة بالتحول في حياتي لم أكن أعتقد أنني مستعدة لمواجهتها .
صدمات لم أتوقعها.
قرارات قلبت حياتي رأسا على عقب.
اكتشافات لحقائق كانت مخفية عني طوال حياتي !
وكأنني بدأت نسخة جديدة من نفسي.
وكل ما كنت أرغب بالحصول عليه وقتها هو سعادتي كأم، لأنني فقدت الأمل في الحصول على السعادة من أي شيء آخر.
فبدأ تركيزي على أمومتي وكيفية تحسينها يزيد، وهنا ظهر في حياتي سحر " وقرّي عينا" ، وهذه قصة أخرى أحكيها في مقام آخر ،
شعرت أنني بدأت في ملء كوبي فعلا، بدأت أشعر بالابتهاج والسعادة الحقيقية، بدأت أتقرب من الله مجددا ، لكن بطريقة صحيحة هذه المرة، بدأت أكتشف الأوهام التي كبلتني لسنين. بدأت أشعر حقا بجمال الآية التي لطالما تساءلت عن معناها الحقيقي كلما سمعتها تتكرر في سورة البقرة " ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون"
لم أكن أفهم مراد الله من تكرار هذه الآية لكنني كنت أعلم أنها مهمة جدا ولهذا تم تكرارها بهذا الشكل ، وأخيرا أصبحت أشعر بمعنى هذه الآية.
تخليت عن كل أحلام وآلام الماضي فلم أعد أحزن على شييء، ووكلت إلهي كل أمور مستقبلي فلم أعد أخاف من شيئ، حتى ما كان يبدو كابوسا مرعبا بالنسبة لي أصبح مجرد حدث قد يمر بكل يسر وأنتقل إلى عالم آخر بعده.
هنا خرجت رسالة " وقري عينا" وفتحت مدونتي لأكتب لأول مرة بعد سنوات طوال ما أشعر به حقا، وما اختبرته حقا ووجدت نتائجه، ومن هنا بدأت قصة رحلتي الجديدة التي أحاول تقديمها من خلال هذا الموقع الذي يعبر عني وعن تجربتي وعن أحلامي، لعلي لا أغير العالم، ولكن أغير واقع بعض الصديقات اللاتي يشبهنني !!
بدءا من تغيير أمومتنا إلى شفاء طفلتنا الداخلية وشفاء أنوثتنا، إلى البحث عن كنزنا " موهبتنا" .. إلى
العودة إلى الفطرة ..
محبتي
إيمان الشعلة.